أعرف أن الكثير منا ستروقه هذه القصيدة لأبي العلاء المعري، وأعتقد كذلك أن القليل منا ستكون له سَعَة صدر وصبر لقراءة محتوياتها كلها، لكن إعجابي بها وكل بيت من أبياتها يدفعني أن يكون لي شرف نشرها على صفحتي و عرضها كدلك في مدونتي، علما بأن كل بيت قرأ هو شاف ومقنع وقد يكون مستقل عن ما قبله أو التالي، بل كل بيت هو قصيدة منفصلة أو رواية متكاملة المعاني بل فلسفة قائمة الذات
قراءة ممتعة أرجوها للكل محبي الشعر الجميل
غيرُ
مُجدٍ في ملّتي واعتقادي نوحُ باكٍ ولا ترنّمُ شادِ
وشبيهٌ
صوتُ النعيِّ إذا قيـس بصوتِ البشيرِ في كل نادِ
أبكت
تلكمُ الحمامةُ أم غنَّت على فرع غصنها الميّادِ
صاحِ!
هذي قبورنا تملأ الرحبَ, فأين القبورُ من عهدِ عادِ?
خفِّفِ الوَطْأ ما أظنُّ أديمَ الأ رضِ إلا من هذه الأجسادِ
وقبيحٌ
بنا وإن قَدُمَ العهـدُ هوانُ الآباء والأجدادِ
سِرْ
إن استطعتَ في الهواء رويدًا لا اختيالاً على رفات العبادِ
رُبَّ
لحدٍ قد صار لحدا مرارا ضَاحِكٍ من تزاحمِ الأضدادِ
ودفينٍ
على بقايا دفينٍ في طويلِ الأزمانِ والآبادِ
فاسأل
الفرقدين عمن أحسّا من قبيلٍ وآنسا من بلادِ
كم
أقاما على زوال نهارٍ وأنارا لمُدلج في سوادِ
تعبٌ
كلها الحياةُ, فما أعـجبُ إلا من راغبٍ في ازديادِ
إن
حُزنًا في ساعةِ الموتِ أضعاف سرورٍ في ساعةِ الميلادِ
خُلق
الناسُ للبقاءِ فضلَّت أمةٌ يحسبونَهُم للنفادِ
إنما
يُنقلون من دار أعما ل إلى دارِ شقوةٍ أو رشادِ
ضجعةُ
الموتِ رقدةٌ يستريحُ الـجسمُ فيها والعيشُ مثلُ السهادِ
أَبناتِ
الهديلِ أسعِدْنَ أو عِدْ نَ قليلَ العزاء بالإسعادِ
إيه
لله درُّكُنَّ فأنتن اللواتي تُحسِنَّ حفظَ الودادِ
ما
نسيتُنَّ هالكًا في الأوان الـخالي أودى من قبل هُلكِ إيادِ
بيد
أني لا أرتضي ما فعلتن وأطواقكن في الأجيادِ
فتسلَّبن
واستعرن جميعا من قميص الدجى ثياب حدادِ
ثم
غردن في المآتم واندبـن بشجوٍ مع الغواني الخرادِ
كلُّ
بيتٍ للهدمِ ما تبتني الورْقاء والسيدُ الرفيع العمادِ
والذي
حارَتِ البريةُ فيه حيوانٌ مستحدثٌ من جمادِ
واللبيبُ
اللبيبُ من ليس يغترُّ بكونٍ مصيرُهُ للفسادِ